**نافذة على نادي نسائي لتسلق الصخور في الشرق الأوسط: "نساء في الوادي" يكسرن الحواجز ويصعدن القمم**
في قلب الوديان الوعرة
المحيطة بمنطقة دهب الساحرة في مصر، حيث تتشابك الصخور القديمة مع السماء الصافية،
ينبض مجتمع نسائي فريد بالحياة والجرأة. هنا، بين جنبات الصخور المتراصة، تتبلورقصة ملهمة لمجموعة من النساء القادمات من مختلف أنحاء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا،
متحديات الصعاب، ومتسلقات القمم، ليس فقط في عالم رياضة تسلق الصخور، بل أيضًا في
عالم التحديات الاجتماعية والثقافية.
**نافذة على نادي نسائي لتسلق الصخور في الشرق الأوسط: "نساء في الوادي" يكسرن الحواجز ويصعدن القمم** |
"نساء في الوادي"،
ليس مجرد اسم لمجموعة رياضية، بل هو رمز للتغيير والتمكين. هذه المجموعة النسائية
الرائدة، التي أسستها كل من أميرة حلمي ومنة عماد، وهما من أوائل مدربات تسلق
الصخور في مصر، إلى جانب المتسلقة البريطانية جين موريس، قد استطاعت أن تشق طريقًا
جديدًا للنساء في عالم رياضات المغامرة، الذي لطالما احتكره الرجال.
**رحلة صعود تتحدى النمطية**
في عالم يهيمن فيه
الرجال على رياضة تسلق الصخور، حيث تشير الإحصائيات إلى أن أقل من ربع المتسلقين في العالم هم من النساء، تأتي "نساء في الوادي" لتكتب فصلًا جديدًا في هذه
المعادلة. لقد تجاوزت هذه المجموعة النمطية السائدة في المنطقة، وقدمت نموذجًا يحتذى به للنساء اللاتي يتوقن إلى خوض تجارب جديدة، بعيدًا عن قيود التقاليد
والتوقعات.
- تقول أميرة حلمي، إحدى مؤسسات المجموعة
- "نحن من الشرق الأوسط، لكننا لا نشبه الصورة النمطية لمواطني الشرق الأوسط
- فنحن نغرد خارج السرب". هذه الكلمات تعكس روح التمرد والإصرار
- التي تدفع هؤلاء النساء إلى كسر الحواجز
- والوصول إلى القمم، ليس فقط قمم الصخور،
بل أيضًا قمم التحديات.
**التسلق كرحلة للشفاء والتحرر**
بالنسبة لأميرة حلمي، كانت رياضة تسلق الصخور أكثر من مجرد نشاط رياضي، لقد كانت رحلة للشفاء والتحرر. "شعرت بأنها رحلة شفاء [داخلي]، فالمرأة تعاني كثيرًا وتجد نفسها دائماً تسعى إلى النجاة والبقاء على قيد الحياة، فتستيقظ في الصباح وترتدي درعاً واقياً [يقيها الشرور.
- لكن عندما أكون بين الجبال وأتسلق
- أنا حرة طليقة". هذه الكلمات تلامس جوهر التجربة
- التي تخوضها النساء في هذا المجتمع
- حيث يجدن في التسلق ملاذًا من ضغوط الحياة
- ومساحة للتعبير عن الذات، والتحرر من القيود.
**من فكرة إلى مجتمع دولي مزدهر**
بدأت قصة "نساء في
الوادي" بتوقعات متواضعة، لكن سرعان ما تحولت إلى مجتمع دولي مزدهر. فقد
استقطبت أول فعالية افتتاحية للمجموعة في يناير 2021 أكثر من 20 سيدة، مما أكد
وجود رغبة حقيقية لدى النساء في المنطقة لخوض تجربة التسلق، وكل ما كن يحتجنه هو
من يرشدهن إلى الطريق.
- تستضيف المجموعة فعاليات تسلق دورية
- ولقاءات ورحلات مبيت تستقطب المتسلقات من مصر والسعودية والأردن
- إلى جانب عدد متزايد من أفراد الجالية الدولية المهتمين بمسارات التسلق في مصر.
- وأحيانًا تدخل اليوغا أو العلاج بالحركة إلى الجلسات
- بهدف خلق روابط بين المتسلقات
- ونظمت المجموعة فعاليات دولية وأقامت خلوتها الأولى خارج مصر في تركيا.
**التسلق ليس مجرد الوصول إلى القمة**
لا يقتصر التسلق في "نساء في الوادي" على القدرة على إنهاء المسار والوصول إلى القمة، بل يتجاوز ذلكإلى بناء مجتمع متماسك، يشعر فيه الجميع بالدعم والمؤازرة. "بعض السيدات تغلبهنّ العاطفة أمام الجدار ولا سيما عندما ينجحن بالوصول إلى القمة.
- وهو ليس الهدف دائماً، وهن يشعرن بالإنجاز [والكمال].
- ونحن نتقبل كل أشكال التعبير عن النفس
- ولا بأس بشعور الإحباط أو عدم القدرة على إنجاز شيء ما
- ونحرص على إتاحة
مساحة التعبير للأخريات"، تقول موريس.
**ربط الصلات بالنساء العربيات**
إضافة إلى تعزيز حرية
التعبير، يهدف الفريق إلى إقامة صلات مع نساء عربيات. فقد حرص الفريق على تعديل
مساراته كي تشعر المتسلقات بالراحة، وطلب من السائقين الذكور مغادرة المكان لزيادة
الشعور بالخصوصية. ومنذ ذلك الوقت، يرتفع عدد المتسلقات من منطقة الشرق الأوسط وشمال
أفريقيا باستمرار.
- وتشرح حلمي "أردت أن أبني مجتمعاً للنساء
- حيث يتمتعن بالحرية والقدرة على التحرك بلا قيود على الصخور
- وهو مساحة آمنة يمكن حتى للمحجبات فيها أن يخلعن الحجاب ويتسلقن".
- هذه الكلمات تعكس رؤية المجموعة في بناء مجتمع شامل
- يرحب بالجميع بغض النظر عن
خلفياتهم الثقافية أو الدينية.
**التسلق كقوة دافعة للتمكين**
لقد ألهمت هذه المقاربة نساء مصريات لاكتشاف قدراتهن الخاصة، وساعدت أخريات في لعب دور المرشدات في الطبيعة. تقول مي الشامي، وهي إحدى المتسلقات المنتظمات في الفريق "باعتباري سيدة مصرية، يجعلني التسلق أشعر بأنني أقوى، وهو يهدئني [يبعث السلام في أوصالي] مع أنه صعب أحياناً".
وتضيف "لكن إيجاد مجتمع من المتسلقات سهل علي كثيراً
مواصلة التسلق ومحبة هذه الرياضة، عندما نجتمع معاً من أجل التوجه إلى الوادي
والتسلق، لا نشعر بأننا دخلنا منافسة مع بعضنا بعضاً. فالمسألة وثيقة الصلة أكثر
بالاستمتاع بالتسلق، وتذكير أنفنسا بأنه علينا تنفس الصعداء".
**تحديات وعقبات في الطريق**
لم يكن بناء هذاالمجتمع المترابط خاليًا من المشكلات. فقد واجهت المجموعة بعض المقاومة من السلطات
المحلية في البداية، فيما شكك فيها بعض أفراد البيئة المحيطة بها. "لم يكونوا
قادرين على تصديق الموضوع، لم يستوعبوا كيف تقوم امرأة بهذا النشاط، لا يصعب عليهم
أن يروا أجنبية تقوم به إنما ليس مصرية"، تقول حلمي.
- بالإضافة إلى ذلك، فإن قلة عدد متسلقي الصخور في مصر
- يجعل من الصعب العثور على المعدات اللازمة
- مثل أحزمة الأمان والحبال وأحذية التسلق
- بل إن معظم المعدات تأتي من التبرعات ويحضرها
أشخاص معهم في حقائبهم.
**نحو مستقبل أكثر شمولية في رياضة المغامرة**
على الرغم من هذه
العقبات، تستمر مجموعة "نساء في الوادي" باستقطاب اهتمام مجتمع
المتسلقين حول العالم، وتساعد في تطور ونمو مجال التسلق وسياحة المغامرات في مصر. وقد
بدأت المجموعة في نهاية المطاف بتنظيم فعاليات للجنسين، لتبين كيف يمكن أن يكون
شكل مجتمع التسلق الأكثر وعيًا والأقل تنافسية. وتشرح موريس ذلك بقولها "نحاول
تأسيس مساحة يمكن للنساء فيها أن يكن مرشدات في الطبيعة، ونظهر من خلالها أن أي
شخص قادر على الانتماء"، مضيفة أن المتسلقين من الرجال بحاجة إلى أن يلمسوا
ذلك، وهو يطبق كذلك بالفعل.
**توسيع الآفاق وتغيير المفاهيم**
إضافة إلى جهود "نساء
في الوادي" لتخطي العوائق الثقافية، وتأسيس مجتمع متسلقين أكثر شمولية ودمجًا
في مصر بغض النظر عن الجنس أو الدين أو لون البشرة، لدى المجموعة أهداف أكبر لمجال
رياضة المغامرات في الشرق الأوسط. وتقول موريس في هذا الصدد "يتعلق الأمر
بتأسيس مجتمع من المتسلقات، إذ يبدأن بالتعرف إلى بعضهن بعضاً وتوسيع آفاقهنّ".
الختام
فإن قصة "نساء
في الوادي" ليست مجرد قصة عن تسلق الصخور، بل هي قصة عن التمكين والتحرر،
والقدرة على كسر الحواجز وتحقيق الأحلام. إنها قصة ملهمة لكل امرأة في الشرق
الأوسط وشمال أفريقيا، بل ولكل شخص يتوق إلى خوض المغامرة وتحدي المستحيل.